هو العالم الفقيه المعمَر مفتي الديار المصرية حسنين ابن محمد بن حسنين مخلوف، والده العالم الشيخ محمد حسنين مخلوف، الذي كان مديراً للأزهر وقد ساعده ذلك في أن يحضر منذ صغره لأن يكون طالب علم.
ولد في القاهرة سنة 1307هـ - 1890م وقد بدأ بحفظ القرآن الكريم في السادسة من عمره وإستظهره في مدى أربع سنوات وجوَد قراءته على شيخ القرّاء الأستاذ الشيخ محمد علي خلف الحسيني، ثم أخذ والده يهيّئه لأن يكون عالماً فأحضر له متون العلم ليحفظها، بالأخص متون التجويد والقراءات والنحو، كما هيّأه للإلتحاق بالأزهر الشريف فتلقى دروسه في مختلف العلوم على كبار الشيوخ، ومنهم والده الشيخ محمد حسنين مخلوف والشيخ علي إدريس العدوسي والشيخ محمد الطوخي والشيخ محمد بخيت المطيعي وغيرهم الكثير من العلماء الأجلاء.
إجتهد إجتهاداً كبيراً أهَله للالتحاق بمدرسة القضاء الشرعي حيث حصل على الشهادة العالمية في الأزهر عام 1914م، ثم درَس في الأزهر مدة من الزمن ثم عيِن قاضياً بالمحاكم الشرعية ثم عيِن رئيساً لمحكمة الإسكندرية عام 1914م ثم رئيساً للتفتيش الشرعي بوزارة العدل، وإشترك في المشروعات الإصلاحية لبعض القوانين، من ذلك إصلاح قانون المحاكم الشرعية وقانون المجالس الحسبية ومحاكم الطوائف المحلية، وقام بتدريس الشريعة في مدرسة القضاء الشرعي، وفي عام 1365هـ - 1946م ولِي إفتاء الديار المصرية حتى عام 1369هـ - 1950م، وأعيد إليه عام 1952، وقد منح كسوة التشريف العلمية مرتين، إحداهما حين كان رئيساً لمحكمة طنطا، والأخرى حين كان مفتياً لمصر.
إختير عضواً لمجمع البحوث الإسلامي بالأزهر وتولى رئاسة جمعية البحوث الإسلامية بالأزهر كما تولى رئاسة جمعية النهوض بالدعوة الإسلامية، وعيِن رئيساً للجنة الفتوى بالأزهر مدة طويلة.
وبعد إنتهاء مدة خدمته القانونية إتجه لخدمة المسلمين من خلال دروسه التي كان يلقيها في المساجد الكبيرة يومياً ونشر العلم وإصدار الفتاوى التي تنشرها الصحف.
كابد الشيخ رحمه الله تعالى خصومات كثيرة وتحمّل المضايقات في سبيل الدفاع عن الإسلام والذَود عن حياضه وذلك قبل الثورة وبعدها، وكان قبلها قد أبدى رأيه في الشيوعية وبعدها عن الإسلام وكان في مصر في ذلك الوقت فريقٌ من المخدوعين يظنون أن الشيوعية معجزة الإنقاذ ومفتاح الرَخاء فملؤوا جرايدهم بمهاجمة الشيخ وإتهموه بالتهم الباطلة، وبعد الثورة أراد منه المسؤولون أن يكتب فتوى يعلن فيها أن الإسلام إشتراكي وأن الاشتراكية نابعة من صميم التشريع الإسلامي قبل أن تنتقل إلينا من الغرب، ولكنَ الشيخ أصرَ على أن الإسلام لا يعرف الإشتراكية بمعناها الغربي وأنه دين التكافل الإجتماعي والعدالة والمساواة بالمعنى القرآني وبمعايير الأحاديث النبوية ومواقف السلف الصالح.
وإزاء ذلك الموقف ضيَقوا عليه فلم يجد أماناً في وطنه، فهاجر إلى المملكة العربية السعودية التي عرفت مكانته الجليلة، حيث عيِن عضواً مؤسِساً للجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة، وقد منح جائزة الملك فيصل لخدمة الإسلام سنة 1983م.
شارك في العديد من الرحلات إلى أقطار العالم وهي رحلات علمية يرأس بها ندوات علمية ويشرف على رسائل جامعية، وقد كان في كل مكان يذهب إليه يسأل أسئلة سياسية تتصل بحكم الإسلام فيصدع بما يعتقد أنه الحق.
وهكذا كان الشيخ رحمه الله تعالى يقول الحق أينما كان ولا يخشى في الله لومة لائم، هيِنٌ ليِنٌ سهل المنال إلا فيما يتعلق بحكم من أحكام الله فهو حينئذﹴ لا يجابه.
توفي رحمه الله تعالى في 20 رمضان 1410هـ تاركاً وراءه الكثير من المؤلفات النافعة، منها: أسماء الله الحسنى والآيات الكريمة الواردة فيها، أضواء من القرآن الكريم في فضل الطاعات وثمراتها، وخطر المعاصي وعقوباتها، أضواء من القرآن والسنة في وجوب مجابهة الأعداء، الدعوة التامة والتذكرة العامة، وغيرها من المؤلفات المهمة، ولعل من أهم كتبه فتاوى شرعية التي صدرت وأغنت الساحة الإسلامية بالفقه الواضح والإجتهادات النيِرة. وكتابه المواريث في الشريعة الإسلامية كتاب جليل قارن فيه بين المذاهب الفقهية وقانون التوريث بأسلوب عصري جميل، كما شرح فيه قانون المواريث المعمول به في المحاكم الشرعية.
رحم الله تعالى الشيخ حسنين محمد مخلوف ونفع المسلمين بعلمه وعوّضهم بمن هو مثله وأفضل منه إنه نعم المولى ونعم النصير.
الكاتب: عبير شبو.
المصدر: موقع منبر الداعيات.